لم يكن اختيار المؤسس أ. صلاح باتيس لاسم “البادية” للمؤسسة فقط لاعتبار ألا يكون الاسم مسجلا في سجل مؤسسات المجتمع المدني بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بل كان – أيضا – لاعتبارات أخرى منها، مراعاة أن البادية كما يذكر ابن خلدون في المقدمة: ” أصل العمران وأن الأمصار مدد لها، وأن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر..”.
وقد لاحظ المؤسس أن الجهل آفة كادت تسلب البادية تلك الخصائص الجميلة، فكان لا بد من رد اعتبار للبادية بضرورة دعم العلم والمعرفة، وبلفت الانتباه إليها من أبنائها لا سيما وأن كثيرا من الموسرين في الداخل والخارج منها، أو من الوديان المتاخمة لها، فكان من أوائل مشاريعها إن لم يكن المشروع الأول سكن طلابي لأبناء البادية فمكن الطلاب القادمون من البادية أن يستمروا في مواصلة تعليمهم، وظهرت نباهتم وجذوة ذكائهم بتصدرهم المراتب الأولى في المدارس الدارسين فيها، وعلى مستوى الجامعة، منهم من ابتعث خارج اليمن، ولم يكن تخرجه بوثيقة أكاديمية فقط بل بتسجيل براءة أكثر من اختراع في مجال التكنولوجيا ونظم الاتصال والهندسة جعل منهم دكاترة ومهندسين وبمساهمة بالفكرة أصبح منهم ورواد أعمال، ولا يزال عطاؤها مستمرا في هذا المجال الرائد حتى ساهمت المؤسسة في تأسيس مؤسسة متخصصة في رعاية الموهوبين، وأصبحت هذه المؤسسة اليوم نقطة مضيئة على خارطة التميز والريادة، تُستضاف في فعاليات ومؤتمرات وحلقات نقاش ومسابقات دولية، يحرز أبناؤها وأساتذتهم مراكز متقدمة، وينالون جوائز قيمة، ومنهم اليوم القادة العاملون على مختلف الأصعدة في الجامعات والشركات والعمل التطوعي الإنساني، بل والعمل السياسي الداعم لحضور حضرموت قائدة ومؤثرة بحجمها الجغرافي وامتدادها التاريخي.
وكما حققت النجاح في هذا المجال العلمي الحيوي، فقد حققت نجاحا في مجالات اجتماعية وصحية وتنموية أخرى، وصولا إلى مشاريع التمكين والتنمية المستدامة، وتأهيل خريجي الجامعات لسوق العمل، والاسهام في تأطير الجهود التطوعية الإنسانية في ائتلاف خيري جامع يستهدف الإنسان الأكثر تضررا والأشد فقرا أينما كان، من خلال سفرائه ضمن مؤسسات وكيانات منضوية تحت هذا الائتلاف.
هذا الإنجاز للمؤسسة بقيادة المؤسس باتيس يجب أن يزيدها إصرارا على أن تواصل عطاءها، وتوسع آفاقها المستقبلية، وأهدافها الاستراتيجية، بدءا بتقييم الوضع الراهن لبرامجها ومشاريعها وتقييم انجازاتها وفقا لمؤشرات الأهداف التي وضعتها في خطتها الاستراتيجية والتنفيذية، ومن ثم التعاقد مع مؤسسة متخصصة في التخطيط الاستراتيجي، لتطوير رؤية ورسالة وأهداف المؤسسة وتحديث خطتها الاستراتيجية لتحديد الاتجاه الذي يجب أن تسلكه مستقبلا، ورسم غاياتها المستقبلية وأهداف الاستراتيجية لواقعية بما يتوافق مع رسالتها ورؤيتها الطموحة.
الدكتور : عبده عبدالله