مؤسسة البادية قصة نجاح فريدة ومُميزة ومتواصلة على مستوى العمل التنموي والإنساني الذي تنهض به مؤسسات المجتمع المدني في الجمهورية اليمنية .
مؤسسة البادية دوحة باسقة كتب الله الجليل لرجالها المعلومين والمجهولين وشقيقات الرجال التوفيق والسداد والنهج الحق المُستطاب..
بدأ غيث البادية وابل فقطرات ثم انهمر وهو في انهماره مستمر ..بدأ جدولاً رقراقاً فغدا نهراً مضطرداً تحرسه عناية الله ..ينسكب هناك ليشكل واحات خضر وحدائق غُن في دنيا المعوزين والفقراء ومن ألمّت بهم ظروف الحياة في عرصاتها وتقلباتها ولمن أراد لحياته قيمة أكثر ومعناً أثمن ..
جواهر و أحجار كريمات تجمعت لتغدو صرحاً دافئ لتطلعات الجيل والأجيال القادمة بإذن الله يتعهدها بالحنان والتحنان ويمدها بالعزم والإصرار للمُضي على دربها العملي نحو آفاق المستقبل الرحبة ،
فتح الله لها قلوب المحسنين الكرام وكل الطيبين الذين تعرفوا إليها فجادوا من حُر مالهم وجميل سعيهم ومسعاهم فكان من الثمرات العِذاب الكثير الطيّب الثمين..تلك هي مؤسسة البادية الخيرية …..
مؤسسة البادية للتنمية والأعمال الإنسانية قصة نجاح جديرة بالحديث عنها وعرضها للناس لعل باحث عن إلهام يجده أو باحث عن قدوة ونموذج حي يقتدي به يجده و يطلّع عن تفاصيله أو بعض تفاصيله ، ولعل مُحب خير يتطلع إيصاله عبر وسيط أمين يظفر به ، ولعل مُساهم في مسيرة حافلة بالنجاحات يجد ما يقر عينه عنها ، وهذا عرض مُختصر قدر الإمكان موزّع تحت أحد عشر عنواناً فرعياً .
أولاً : البدايات و المُنجزات :
كانت البداية بحدث لم يأبه له أحد ولم يكن يُتوقع له أن يبلغ أثره وتأثيره ما بلغه اليوم ولا حتى نصفه وربعه ، لقد كان الحدث تأسيس مؤسسة البادية للتنمية والأعمال الإنسانية بمدينة القطن واسطة وادي حضرموت في 14 أكتوبر 2001م ، 21 رجب 1422هـ ، ذلك الحدث الذي احتضنته غرفة صغيرة في عمارة بقلب مدينة القطن وكنت واحد من القلة التي شهدت ذلك الحدث واحتضنتهم غرفته المتواضعة .
كانت الطموحات واسعة و واسعة جداً وعريضة وطويلة ومُتناسلة يُنادي الأكبر منها ما هو أكبر منه وأهم وأكثر أثراً ومفعولية وأبقى وأطول استدامة .
كان رُبّان المؤسسة وقائدها الأستاذ #صلاح بن مُسلّم بن سالم باتيس قبل أن يكون ذي شهره وقبل أن يكون ملئ السمع والبصر وعضو مجلس الشورى اليمني ، وكان اسم المولود الجديد مؤسسة بادية حضرموت الخيرية والدعوية وكان أوّل وأهم مشاريع المؤسسة سكن خيري لطلاب البوادي الدارسين بمدينة القطن . لم تمضي سوى شهور وإذ بالمؤسسة توسّع مقرها ذي الشقة الواحدة ذات الغرف الثلاث إلى الشقة المجاورة فالشُقق العلوية والسطح العلوي ليكون أول سكن لطلاب البوادي والمناطق النائية من غربي وادي حضرموت .
ومن مقر المؤسسة ذي الشقتين خرجت في مايو 2003م أوّل أعداد صحيفة البادية لسان حال المؤسسة من أربع صفحات ثم ثمان فستة عشر صفحة . ثم ضاق المبنى بالطموح والعمل والتوفيق من رب العالمين فخرجت إدارة المؤسسة إلى شقتين أرحب وأوسع في عمارة على مرمى حجر وخرج السكن الطلابي إلى عمارة كاملة من دورين .. وتوسّع نطاق العمل وزاد كماً ونوعاً ومرّت سنوات حافلة بالعطاء المُتدفّق والخيرات المتواصلة وتفتّق حُلم المبنى بل المُجمّع الخاص بالمؤسسة الذي يتسع لكل ما بعده من طموح ويُخرج المؤسسة من نفق الإيجار لمقر إدارتها وسكن طلابها النُجباء المتفوقين وكان الحُلم أقرب إلى المُستحيل ولكن ما قد نتصوره مُستحيل في زمن يغدو ممكنا بالعزم والتصميم وجرأة الأمل والتفكير الخلّاق والتوفيق الكبير من الله العظيم القدير الذي بيده مفاتيح القلوب والعقول ، وبدأ العمل بسيطاً ثم انهمر حتى أينع ونضج النتاج العذب وكان القِطاف يوم 13/5/2010م بحفل الافتتاح المشهود من قبل ضيوف مهرجان العفاف الثاني القادمين من أرض الخصب والبركة المادي منها والمعنوي المملكة العربية السعودية ، وخلال المسيرة المُباركة حتى لحظات الافتتاح الأنيقة انضافت مشاريع وبرامج نوعية للمؤسسة أهمها سكن البادية الخيري للمرضى بالعاصمة صنعاء (أغسطس2004م ) ،ومستودع البادية الخيري (سبتمبر2004م) وفرعين للمؤسسة عظيما النتاج والانجاز الأول بوادي دوعن (2004م)والثاني بوادي عمد (6/6/2006م ) وبتعاون مُنقطع النظير مع رجال البذل والإحسان الذين يبغون ما عند الله تعالى من عظيم الأجر والثواب والرضوان ، وتم تحديث الهيكل الاداري للمؤسسة أكثر من مرة وصولاً إلى إضافة نوعية كبرى عام 2008م هي ( مجلس أمناء البادية ) الذي ضم نخبة مُميزة من الشخصيات المرموقة المشهود لها بالنجاح الكبير اللافت في أعمالها في المجال الذي اختارته لتُبدع فيه و تُتقن وتُحقق أطيب الثمار وأنفعها للناس .. واستمرت ملحمة الإنجاز الثمين وفي ذات الوقت الطموح الخصب والتصميم المتوِقد .
إنّ توفيق الله عز وجل جعل المؤسسة محط ثقة المُحسنين والسُلطات الحكومية والمؤسسات الإنسانية داخل اليمن وخارجها ويسّر المُهمة الكبرى على المؤسسة وجود شركاء مخلصين متفانين في كل المحافظات اليمنية بالإضافة إلى طاقم العمل الموزع توزيعاً مُتقناً يغطي كل المجالات ويتناغم مع المستجدات مواكبة واستيعاباً دونما ثغرات ولا نواقص ولا عيوب .
ثانيا : برامج نوعية مُميّزة :
وكانت القفزة النوعية رغم الزمن الصعب انطلاق البرامج النوعية المُميزة التي طالما حلُم بها قادة المؤسسة وهي المُتمثلة ببرامج تأهيل الشباب لمزاولة العمل والانتاج فيحصلوا على ضروريات العيش الكريم ويخرجوا من صف المُنتظرين للمساعدة المستمرة وتمثّل هذا الانجاز النوعي ( برنامج تمكين ) في نُسخ أربع مُترعات مُذهبات تخرج منه مئات المتدربين والمُتدربات في عدد منوّع من التخصصات والمجالات المهنية .
ثالثاً : عوامل النجاح الموضوعية :
إنّ الله تعالى بما شرع لعباده من واجبات ومُستحبات في أموالهم وبما دعاهم إليه من تعاون على البِر والتقوى وبما جعل لذلك من الأجور العظيمة وعداً ناجزا وناضراً ونعيماً كبيراً باهرا مُنتظراً في الدار الآخرة وبركة حاضرة في المال والنفس والولد والذرية قد أوجد المقدمات والشروط الكافية ليتسابق الناس ويُسارعون في أعمال البِر والخيرات والإحسان فتكون الإنجازات الخلاقة وتيسير سُبل العيش الكريم للكثيرين وتزول الكثير من أسباب العُسر من حياة الناس وترتسم على الشِفاة ابتسامات الرضاء والسعادة والحبور ويهب القادرين على العطاء والبذل والقادرين على السعي والعمل الميداني لمساعدة من نزل به البلاء والضرف العصيب أو قصُر به ضيق ذات اليد عن علاج مريض أرهقه المرض أو تعليم إبن ما يصلح به أمر حياته ويغدو نافعا لنفسه وأسرته ومجتمعه وعمم الآخرين في المُستقبل ، كما أنّه بمقدار إنسانية الإنسان ونُبل أخلاقه وعلو قيمه وإيجابية دوافعه في السلوك والتفاعل مع الواقع الذي يعيش فيه أو يبلغه أو يعلم به يكون منه البذل والعطاء السخي كلما امتلك المال والقدرة ووجد السبيل الأمين الملائم أو أوجده ليتحقق له ما يصبو إليه من عون للآخرين ومساعدة ومُساندة تذليلاً للصعاب التي يواجهونها وتحول بينهم وبين الكثير من الآمال والتطلعات المشروعة في حياتهم والتي يكون من ورائها حدوث النفع العميم والإنجاز الإيجابي الذي يخدم المجتمع وأفراده والتطوير السار ذي الأهمية والحيوية .
كما أنّ العمل بالإسلام الدين الحق الذي ارتضاه الله تعالى للناس يحتاج إلى قدر من تعلّم القرآن وعلوم الإسلام وتعاليمه وجميع ذلك جعله الله الكبير المُتعال عبادات في حد ذاتها وقُربات إليه عز وتعالى وجعل لأهلها مثوبة عالية ومكانة متميّزة وحث عليها وحث عليها رسوله الأمين صلى الله عليه وسلّم فانفتح في حياة الناس باب واسع من العمل والحرص والاهتمام ومجال للبذل والسعي والتحصيل والمُثابرة فالنتاج البديع والثمرة اليانعة .
وهذه المنطلقات الثلاثة كان لها الأثر الحاسم في أن تتأسس مؤسسة البادية و أن تكون لها هذه المسيرة الظافرة الحافلة التي استفاد منها ملايين من الناس وتستمر في المُضي نحو المزيد والمزيد من الانجازات الثمينة في ظل الطموحات النبيلة والتخطيط المُبصر والعمل المؤسسي المنظم والتفاعل والاستجابة الحية والحيوية والفاعلة والمُتدفقة من المؤسسات والهيئات الشريكة والأفراد المؤازرين في داخل اليمن وخارجها .
رابعاً : شروط النجاح :
في كل مرة تجتمع شروط النجاح والانجاز المُميّز يتحقق دون تأخير ، فتوفيق الله يكون في رِكاب أهله : الإخلاص لله تعالى والصدق معه والحرص الشديد على نفع الآخرين والإرادة والتصميم والطموح العالي والأخلاق الرفيعة والكلمة الواحدة المُتفقة المُجتمعة والقلب الواحد والتفكير السليم المُبر والتخطيط الرشيد المُبدع وهي شروط وعوامل توافرت جميعها واجتمعت لمؤسسة البادية فكان توفيق الله لرئيس المؤسسة وللأعوان المُخلصين وللعاملين معه فكانت البادية بهذا الحضور الكثيف الرائع المُميّز و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . لقد كانت قصة النجاح الحضرمية بل ملحمة النجاح والكفاح والمُثابرة الخلاقة ..كانت بادية الانجازات الثمينة والطموحات النبيلة .
لقد تطوّرت المؤسسة ساعٍ أمين مُقتدر من أجل تقديم النفع والعون والخير للناس والوسيط النزيه بين أصحاب الأيادي البيضاء والمحتاجين والمعوزين وأصحاب الحاجة للمُساندة والمُساعدة والتعاون على الخير والبِر والتقوى والمعروف والعمل الصالح . ساعٍ لم يعدم فكرة مُبدعة ولا طاقة خلاقة لمواكبة الواقع والوقائع بما هو خير وحق ورُشد .
يوجز عناصر النجاح رئيس المؤسسة الأستاذ #صلاح_باتيس في لقاء أجريته معه أواخر عام 2007م إجابة عن سؤالي : (( هل كنتم تتوقعون للمؤسسة هذا القبول وهذا النجاح وهذا المستوى )) : (( ما أخفيكم أننا كُنّا على ثقة أنّ الله عز وجل لا يضيع أجر المحسنين وأنّ الله تبارك وتعالى يُبارك في الأعمال وهو سُبحانه وتعالى القائل : ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) ))، نحنُ مُطالبون بالعمل ومُطالبون بالإجتهاد ومُطالبون بالحركة ومُطالبون بالنشاط .. المُهم أن تكون على أُسس صحيحة .. النية الصالحة ، التخطيط والإعداد الصحيح .. البرامج المدروسة والخطوات كذلك المدروسة عرض المشاريع بما يليق بها وبالمؤسسة ، التواصل المُستمر مع المُحسنين ومع الجهات ذات العلاقة كذلك حُسن العرض وحُسن الأداء وحُسن التنفيذ و حُسن إعداد التقارير ببذل هذه الأسباب كلها كنا على ثقة أنها ستكون بهذا المستوى بل أفضل إن شاء الله عز وجل )) صحيفة البادية العدد 27 ــ ديسمبر 2007م .
للمقال بقية . ..
بقلم المفكر والباحث
مرعي_حميد
أكتوبر 2021م